آخر المقالات

رعد الزبن يدق باب تشرين بموسيقى معاصرة تُذكر بـ "أم الغيث"





صورة  الزبن يعزف على احدى شرفات عمان
موسيقى الشرفات، السلط 2022

"الموسيقى هي انعكاس الصوت داخل النفس..هو الصوت الذي لا نريد له أن ينتهي، قد يكون صوت فيروز أو الباعة المتجولين أو ضحكة طفل، ربما هو صوت حشرة "الزيز" التي تعلن بدء فصل الصيف، الموسيقى هي حالة هاربة يلتقطها الفنان ويضعها بين نوتة البداية والنهاية لتصبح : أغنية".
هكذا يصف المؤلف الموسيقي الأردني رعد الزبن (34 عاما) ما تمثّله الموسيقى من أصوات، فالشاب الذي يستعد إلى إطلاق ألبومه الجديد يتعامل مع أعماله بكل هدوء وتأنٍ، يؤلف ويغني ويسجل، ثم يستمع إلى أعماله بأذن المتلقي قبل إشهارها للجمهور. 
سنوات مضت على كتابة أغنياته الجديدة التي اقتبسها من الحياة اليومية، منها ما كان حكمة على لسان خال جدته وأخرى ما حملت بعدا فلسفيا، وجميعها تعكس محطة في محاولات إثراء المكتبة الموسيقية الأردنية، حيث يستند في تجربته على التراث تأثرا واستلهاما، للخروج بمنتج جديد يُمثل بيئته المعاصرة، ويوازن بين التراث والإنتاج العربي والعالمي الحديث.

محطات موسيقية أردنية

يرى الزبن أننا بأمس الحاجة إلى ما هو جديد وليس الاعتماد على إحياء التراث فقط، وغالبًا ما يُبدي تحفّظه على مُسمّى "إحياء التراث" ويُصرّ على أنه حالة حيّة لا تموت. رغم أنه عمل على إعادة إحياء الإرث الموسيقي ودراسته منذ عام 2018 حتى عام 2024، يقول " التراث مصدر إلهام مهم جدا لكن البقاء في حيزه بحد ذاته يشكل ظاهرة مبالغ بها أحيانًا تحد من تطوّر للموسيقى الأردنية".
"هناك مشاريع موسيقية مهمة استندت إلى هذا الإرث وشكلت حالة فنية فريدة إلا أنها كانت على فترات متقطعة" كما يقول الزبن، ويشير إلى تجارب مثل فرقة ميراج في الثمانينيات، ثم طارق الناصر بفرقته رم، وتجارب عامر الخفش، لتأتي تجربة أوتستراد وعزيز مرقة بعد حالة من الانقطاع، جميع هذه التجارب شكلت مشاريع مهمة في الأردن رغم أن سوق الصناعة الموسيقي في الأردن ليس ضخما، ويجب أن تكتمل المشاريع الموسيقية وتتواصل دون انقطاع وأن تٌبنى كل تجربة على ما سبقها، حتى يظل الإنتاج قائما.

هيثم سكرية.. حينما يكون الأستاذ أبا وملهما

هذه الرؤية التي يطرحها الزبن استندت إلى أكثر من 10 سنوات من الخبرة العلمية والعملية، حصل خلالها على بكالوريس التأليف الموسيقي من كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية ويتابع دراساته العليا في الجامعة، ورغم أنه كان يطمح إلى دراسة الغناء، لكن سرعان ما بدل رأيه بعد أن اكتشف جمال التلحين وألهمته تجربة عاصي الرحباني، ليلتقي في سنوات دراسته بالمايسترو الأردني هيثم سكرية الذي كان معلما وأبا وملهما له، يقول الزبن " أنا خريج هيثم سكرية، لا أكف عن الحديث عن هذا المايسترو الكبير منذ سنوات، واليوم بدأت تجربته تظهر إلى الجمهور لا سيما بما أبدعه باليوبيل الفضي، وعرضه مع فرقة "أوتستراد" في حفل "أوتستراد سمفونيك".

لذا كانت تجربة "الأوركسترا" جاذبة للزبن انغمس في التأليف الموسيقي الذي يعتبره "الدماغ الذي يحكم الموسيقى، وأنها أعلى السلطات في هذا العالم". في تلك السنوات العشر اتجه إلى الإنتاج الموسيقي للأوركسترا فـمن "سيمفونيّة الشهيد" إلى مارش كتيبة الحسين الثانية (أم الشهداء) كتب الزبن عدة مقطوعات موسيقية للأوركسترا غلب عليها اهتمامه بالموسيقات العسكرية والمراسم الملكيّة، شكّلت تجربته التي كانت انعكاس لجزءٍ من بيئة طفولته.

التنوع ضرورة جمالية

نشأ الزبن في أحد أحياء عمّان الشرقية من أسرة مكونة من (6 أفراد) لأب عسكري تقليدي وأم مصفّفة شعر توّاقة إلى الحداثة والمدنيّة، شكلت هذه البيئة تنوعا كبيرا في حياته سواء على مستوى المهني التي تنوعت في محيطه بين العكسري، الأكاديمي، والمهني، أو على مستوى ما تحمله أحياء عمّان الشرقية من تنوع في العائلات وأصولها، الأمر الذي انعكس على شخصيته. يقول الزبن " أنا لا أجيد السباحة في بحيرة واحدة، أفضل اكتشاف عوالم المختلفة، لم أكن موسيقيا فقط، عملت في الإدارة والتدريب والتعليم، والطهي..... حتى في الموسيقى أفضل التنوع" يّضيف في اللهجة المحكية "بتفرفط روحي من البيئة الواحدة من اللهجة الواحدة من الأصل الواحد، حتى أصدقائي على النقيض من بعضهم، التنوع ضرورة جمالية".
لذا بدأ عشرية جديدة في تجربته الموسيقية مطلقا ألبوما جديدا يؤلف الكلمات والألحان يوزع أو يشرف على توزيعها ثم يغني بصوته، فـ يستهل شهر تشرين يعزف على البيانو لغيوم "دبين" مستذكرا بطريقة ذكية من التراث (أم الغيث)، حينما كانت النساء الأردنيات تردد أهزوجة "يا أم الغيث غيثنا" عندما يتأخر المطر، وبذلك يستحضر التراث بأسلوب معاصر.


هبة جوهر
بواسطة : هبة جوهر
صحفية ومعدة برامج رئيسية، عملت هبة في عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية، حيث اكتسبت خبرة واسعة تمتد لأكثر من 10 سنوات في مجال الصحافة والإعلام المكتوب والمسموع والمرئي.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-